أخوك عيسـى دعا ميْتـاً فقام له *** وأنت أحييت أجيالاً من الرممِ
أنـصـت لِمِيميّـةِ مــن أَمَـــمِ * * * مدادها مـن معانـي نـون و القلـمِ
سالت قريحـة صـب فـي محبتكـم * * * فيضـاً تدفـق مثـل الهاطـلالعمـمِ
كالسيل كالليل كالفجر اللحـوج غـدا * * * يطوي الروابي ولايلوي علي الأكـمِ
أجش كالرعد في ليـل السُّعـود و لا * * * يشابه الرعد في بطش و فـي غشـمِ
كدمع عيني إذا مـا عشـت ذكركـم * * * أو خفقِ قلبٍ بنار الشـوق مضطـرمٍ
يـزري بنابغـة النعمـان روانقهـا * * * و مَنْ زهير ؟ و ماذا قال فـي هـرمِ
دع سيف ذي يزنٍ صفحـاً ومادحـه * * * و تبّعـا وبنـي شــداد فــي إرمِ
ولا تعرّج علـي كسـرى و دولتـه * * * وكـل أصيـد أو ذي هالـة و كمـي
و انسخْ مدائح أرباب المديـح كمـا * * * كانـت شريعتـه نسـخـا لدينـهـمِ
رصّعْ بهـا هامـة التأريـخ رائعـة * * * كالتاج في مفـرق بالمجـد مرتسـمِ
فالهجر و الوصل و الدنيا وما حملـتْ * * * و حبُ مجنـونِ ليلـى ضلـة لعمـي
دع المغاني و أطـلال الحبيـب و لا * * * تلمح بعينـك برقـاً لاح فـي أضـمِ
و انسَا لخمائـلَ و الأفنـان مائلـة * * * وخيمـةً و شويهـان بـذي سـلـمِ
هنـا ضيـاء هنـا ري هنـا أمــلٌ * * * هنـا رواء هنـا الرضـو انفاس تلـمِ
لو زُينتْ لامرء القيس انزوى خجـلاً * * * ولو رآهـا لبيـدُا لشعـرِ لـم يقـمِ
ميمية لـو فتـي بوصيـر أبصرهـا * * * لعـوذوه بـرب الـحـل و الـحـرمِ
سل شعرَ شوقي أيروي مثل قافيتـي * * * أو أحمد بن حسين فـي بنـي حكـمِ
ما زار سوقَ عكـاظ مثـلُ طلعتِهـا * * * هامتْ قلوبٌ بها مـن روعـة النغـمِ
أُثني عليمنْ ؟ أتدري من أبجلـه ؟ * * * أمـا علمـت بمـن أهديتـه كلمـي
في أشجع الناسِ قلبـاً غيـر منتقـم * * * و أصدق الخلق طـراً غيـر متهـمِ
أبهى من البدر في ليل التمـام و قـل * * * أسخى من البحر بل أرسى من العلـمِ
أصفى من الشمسِ في نطق و موعظةٍ * * * أمضى من السيف في حكم و في حكمِ
أغرٌ تشـرق مـن عينيـه ملحمـةٌ * * * من الضياء لتجلـو الظلـم و الظلـمِ
في همة عصفت كالدهـر و اتقـدتْ * * * كم مزقت من أبي جهل و من صنـمِ
أتي اليتيـم أبـو الأيتـام فـيقَـدَرٍ * * * أنهـى لأمتـه مـا كـان مـن يُتـمِ
محرر العقـل بانـي المجـد باعثنـا * * * من رقدة في دثار الشـرك و اللمـمِ
بنـور هديـك كحلـنـا محاجـرنـا * * * لمـا كتبنـا حروفنـا صغتهـا بـدمِ
من نحـن قبلـك إلا نقطـةٌ غرقـتْ * * * في اليم بل دمعة خرساء فـي القـدمِ
أكـاد أقتلـع الآهـات مـن حُرقـي * * * إذا ذكرتـكَ أو أرتـاعُ مـن ندمـي
لما مدحتـك خلـتُ النجـمَ يحملنـي * * * و خاطري بالسنـا كالجيـش محتـدمِ
شجعـتُ قلبـي أن يشـدو بقافـيـة * * * فيك القريض كوجه الصبـح مبتسـمِ
صه شكسبير من التهريـج أسعدنـا * * * عن كل إلياذة ما جـاء فـي الحكـمِ
الفرسُ و الرومُ و اليونان إن ذكـروا * * * فعنـد ذكـراه أسمـال علـى قـزمِ
هـم نمّقـوا لوحـة للـرق هائمـةً * * * و أنت لوحـك محفـوظ مـن التهـمِ
أهديتنا منبـر الدنيـا و غـار حـرا * * * و ليلـة القَـدر و الإسـراء للقمـمِ
و الحوضَ و الكوثرَ الرقراق جئت به * * * أنت المزمل في ثـوب الهـدى فقـمِ
الكـونُ يسـأل والأفـلاكُ ذاهـلـة * * * و الجنُ و الإنسُ بين الـلاء والنعـمِ
والدهر محتلـف و الجـو مبتهـجٌ * * * و البدر ينشـق و الأيـام فـي حلـمِ
سربُ الشياطينِ لما جئتنـا احترقـتْ * * * و نار فار ستخبو منـك فـي نـدمِ
و صفد الظُلْم و الأوثان قـد سقطـت * * * ومـاء سـاوة لمـا جئـت كالحمـمِ
قحطان عدنان حازوا منـك عزتهـم * * * بـك التشـرّفُ للتأريـخ لا بـهـمِ
عقود نصرك في بـدر وفـي أحـد * * * و عدلاً فيـك لا فـي هيئـة الأمـمِ
شـادوا بعلمـك حمـراء و قرطبـة * * * لنهرك العذب هب الجيل و هو ظمـي
و من عمامتك البيضـاء قـد لبسـت * * * دمشـق تـاج سناهـا غيـر من ثلـمِ
رداء بغـداد مـن برديـك تنسجـه * * * أيدي رشيـد و مأمـون ومعتصـمِ
و سدرة المنتهـى أولتـك بهجتهـا * * * على بسـاط مـن التبجيـل محتـرمِ
دارستَ جبريل آيـات الكتـاب فلـم * * * ينس المعلـم أو يسهـو و لـم يهـمِ
اقـرأ و دفتـرك الأيـام خـط بــه * * * وثيقة العهد يا من بـر فـي القسـمِ
قربـت للعالـم العـلـوي أنفسـنـا * * * مسكتنا متـن حبـل غيـر منصـرمِ
نُصرتَ بالرعب شهراً قبـل موقعـة * * * كأن خصمك قبل الحرب فـي صمـمِ
إذا رأوا طفـلاً فـي الجـو أذهلهـم * * * ظنوك بين بنود الجيـش والحشـمِ
بك استفقنـا علـي صبـح يؤرقـه * * * بلال بالنغمـة الحـرّا علـي الأطـمِ
إن كان أحببت بعـد الله مثلـك فـي * * * بدو و حضر و من عرب و من عجمِ
فلا اشت فى ناظري من منظـر حسـن * * * ولا تفـوه بالقـول السديـد فـمـي