بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
الحمدلله الذي هدانا إلى ما فيه خير لنا ونتبعه دون تفريط منا بإذنه تعالى
إلا ما قد نسينا عنه وكان بسبب جهلٍ منا أو تقصير
الصلاة والسلام على خير الأنام حبيب القلوب والأفئدة محمد صلى الله عليه وآله وسلم
أيها الأحبة لقد رأيت أن أجمع بعض القصص والمواعظ في التذكير بالموت والأخرة
أرجو من الله أن تجد لديكم أذن صاغية وقلوب خاشعة
قال عمر بن عبد العزيز{إن الليل والنهار يعملان فيك فأعمل أنت فيهما}
وقال الصديق لعمر{ إن لله حقاًً بالليل لايقبله بالنهاروإن لله حقاً بالنهار لايقبله بالليل}رضي الله عنهما
جاء ابي ذر بعد طول غياب وقد أطالوا أهلها البنيان وتوسعوا في المأكل والمشرب فناد بهم
وجمعهم وقال لهم أرأيتم لو ان رجلاً أراد السفر اليس يأخد من الزاد ما يبلغه في سفره
قالوا بلى: قال فإن سفر الأخرة أفضل ماتريدون فخذوا له ما يبلغكم
قالوا وما يبلغنا قال: صلوا في ظلمة الليل من ظلمة القبور وحجوا حجة لعظائم الأمور وأجعلوا الدنيا مجلسين
مجلس في طلب الأخرة ومجلس في طلب الدنيا وأجعل الدرهم درهمين درهم تنفقه في سبيل الله ودرهم تنفقه
على نفسك وعيالك
وقال بعض العلماء وجد مكتوب في حجر: إبن أدم لو رأيت يسير ما بقي من أجلك لزهدت في طول ما ترجو
من أملك ولرغبت في الزيادة من عملك ولقصرت من حرصك.
وقال أخر إخواني أقبلوا قول ناصح لكم أعملوا لأخرتكم في هذه الأيام التي تسير كأنها تطير، وتلوح كأنها الريح
فما أنقضت ساعة من أمسك إلا وأخذت بضعة من نفسك.
أخر يقول
يُفنى البخيل بجمع مدته ـــــــــ وللحوادث والوارث ما يدعُ
كدودة القز ما تبنيه يهدمهاــــــــ وغيرها بالذي تبنيه ينتفعُ
وقال أخر: ما أبله وأغفل من لا يعلم متى يأتيه الموت وهو لايستعد للقائه، وأشد الناس بلهاً وتغفيلاً من قد عبر
الستين وقارب السبعين ولم يستعد
روي أن أحد الملوك مربمدينة تملكها سبعة ملوك وهلك كلهم فقال هل بقي من نسلهم أحد
قالوا نعم رجل يسكن المقابر فدعاه فقال ما دعاك إلى لزوم المقابر
قال أردت أن أميز عظام الملوك من عظام العبيد فوجدتها سواء
قال هل لك أن تتبعني فأحيي شرفك وشرف أبائك إن كانت لك همة قال همتي عظيمة.
قال وما هي قال حياة لاموت معها، وشباب لا هرم بعده وغنى لافقر معه، وصحة من غير سقم، وسرور من غير مكروه
قال هذا مالا تجده عندي فقال دعني أطلبه ممن هو عنده فقال الملك ما رأيت رجلاً أحكم من هذا وخرج ولم يزل في المقابر حتى لحق بأهله رحمه الله
خطب عمر بن عبد ألعزيز رحمه الله فقال أيها ألناس إن لكل سفر زادا لا محالة فتزودوا من سفركم من ألدنيا إلى الآخرة بالتقوى.
و كونوا كمن عاين ما أعد الله له من ثوابه وعقابه فترغبوا وترهبوا’ ولا يطولن عليكم الأمد فتقسوا قلوبكم وتنقادوا لعدوكم .
فإنه والله ما بسط أمل لمن لا يدري لعله لا يمسي بعد إصباحه ‘ ولا يضحي بعد إمسائه ‘ وربما كانت بين ذلك خطرات المنايا. وإنما يطمئن من وثق بالنجاة من ألعذاب وأهوال ألقيامة ‘ فأما من ناحية أخرى كيف يطمئن . أعوذ بالله من أن آمركم بما أنهى عنه نفسي فتخسر صفقتي‘وتبدو مسكنتي ليوم لا ينفع فيه إلا الصدق.
وكان عمررحمه الله يعظ نفسه بهذه الأبيات
نهارك يا مغرور سهو و غفلة*** وليلك نوم والردى لك لازم
تسر بما يفنى وتفرح بالمنى *** كما غري باللذات في النوم حالم
وشغلك فيما سوف تكره غٍبهُ *** كذلك في الدنيا تعيش البهائم
لهذايجب تذكير النفس وتأنيبها فبذلك تكون رغبته فيها قليلة ويكون إقباله للآخرة أكثر
قال بعضهم يعاتب نفسه ويوبخها: ويحك يا نفس كأنك لا تؤمنين بيوم الحساب وتظنين أنك إذا متِ وأنفلتِ وتخلصتِِ تُتركين
هيهات هيهات،أما تعلمين أن الموت موعدك، والقبر بيتك،والتراب فراشك، والدود أنيسك، والفزع الأكبر بين يديك
حقاً إن الموت لموعدنا فمن كان هذا ديدنه فقد فاز ونال عند ربه أعلى الدرجات فعليكم بذكر الموت فبه
تلين القلوب ويزداد همتها والإقبال على الله بخشوع وخضوع و تذلل
فيا أيها الإنسان لاتغرك الحياة فإنها كوحل ليس بالسهل الخروج منها فتتقاذف بك
المعاصي وتكثْر عليك الذنوب
وبعدها لا يمكنك اللحاق بمراكب الصالحين فتشعر بالندامة والحسرة على ما فات من عمرك وأنت في غفلة
فهل يا مسكين تظن إنك ناج من أهوال القيامة أو سوف تخلد في الدنيا حتى تمشي فيها طولاً وعرضاً
دون مهتم بالعاقبة فمن منا يأمن العاقبة أوما سوف تكون عليه خاتمته
كان ابن عمر رضي الله عنهما يقول: "إذا أمسيتَ فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، خذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك
قال النووي رحمه الله: (قالوا في شرح هذا الحديث، معناه: لا تركن إلى الدنيا، ولا تتخذها وطناً، ولا تحدث نفسك بطول البقاء فيها، ولا بالاعتناء بها، ولا تتعلق منها إلا بما يتعلق به الغريب في غير وطنه، ولا تشتغل فيها بما لا يشتغل به الغريب الذي يريد الذهاب إلى أهله، وبالله التوفيق)
فحكم عقلك ياإنسان وأفهم إنك في هذه الدنيا عليها ضيفاً وغداً مفارق فعد رحالك وتزود
فأنت لاتعلم أين سوف يكون مستقرك فجعل لسانك بذكر الموت يلهج فلو كان الموت تارك أحد
لترك حبيب قلوبنا وهادي أمتنا محمد صلى الله عليه وسلم فقد دخلت عليه ريحانته فاطمة الزهراء
وهو في سكرات الموت فقالت : وكرباه فقال لها يابنية! إنه قد حضر بأبيك ما ليس الله بتارك منه أحدًا
نسأل الله أن نكون من الذين يتذكرون وإذا سمعوا يعتبرون وينتهون
والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين
حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى أله وصحبه أجمعين
والحمدلله رب العالمين
اللهم أغفر والدي وأرحمه وأحشره مع الصالحين