من تتبع عورات الناس
تتبع الله عورته
قد يجهد الإنسان نفسه فيضيع عمره في تتبع عورات الناس في محاولات مستمرة للوقوف علي أعمالهم. وربما سخر لذلك عقله ومجهوده. وفي الوقت الذي يعفو الباري تعالي عن عباده ويسترهم. يأبي المخلوق الضعيف إلا التشهير بهم.
روي الإمام أحمد في مسنده عن عامر بن وائل: ان رجلاً مر علي قوم في حياة رسول الله "صلي الله عليه وسلم" فسلم عليهم فردوا عليه السلام. فلما جاوزهم. قال رجل منهم: إني لأبغض هذا في الله تعالي.
فقال أهل المجلس: لبئس ما قلت. والله لننبئنه. ثم قالوا: يا فلان - لرجل منهم - قم فأدركه وأخبره بما قال. فأدركه رسولهم فأخبره. فأتي الرجل رسول الله "صلي الله عليه وسلم" وحكي له ما قال. وسأله - أي الرسول - ان يدعوه له. فدعاه له وسأله الرسول فقال: قد قلت ذلك.
فقال الرسول "صلي الله عليه وسلم": "لِمَ تبغضه؟" فقال: أنا جاره. وأنا به خابر. والله ما رأيته يصلي صلاة قط إلا هذه المكتوبة. قال: فاسأله يا رسول الله: هل رآني أخرتها عن وقتها؟ أو اسأت الوضوء لها أو الركوع أو السجود فيها؟ فسأله فقال: لا. ثم استطرد: والله ما رأيته يصوم شهرا قط إلا هذا الشهر الذي يصومه البار والفاجر قال: فاسأله يا رسول الله: هل رآني أفطرت فيه أو نقصت من حقه شيئاً؟ قال: لا والله ما رأيته يعطي سائلاً ولا مسكيناً قط. ولا رأيته ينفق شيئاً من ماله في سبيل الله إلا هذه الزكاة التي يؤديها البار والفاجر. قال: فاسأله: هل رآني نقصت منها أو ماكست في طالبها الذي يسألها؟ فسأله فقال: لا. فقال رسول الله "صلي الله عليه وسلم" "قم فلعله خير منك".
فالإنسان عندما يسمح لنفسه بأن يتألي علي الله فيحكم علي الناس بحرمانهم من المغفرة فإنه يصبح اسوأ وأشقي حالاً من المذنب نفسه. ولذلك يقول ابن القيم: "وكل معصية عيرت بها أخاك فهي إليك" أي أنها صائرة إليك ولابد ان تعملها وهذا مأخوذ من قوله "صلي الله عليه وسلم": "من عير أخاه بذنب لم يمت حتي يعمله" "رواه الترمذي
وهذا حديث لسيد الخلق صلى الله عليه وسلم قال : يا معشر من أعطى الإسلام بلسانه ، ولم يدخل الإيمان قلبه ، لاتؤذوا المؤمنين ، ولا تتبعوا عوراتـهم ، فإنه من تتبع عورات المؤمنين تتبع الله عورته ، ومن تتبع الله عورته يفضحه في بيته .
وفي رواية : يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم [ – وفي رواية – : لاتؤذوا المسلمين ولا تُعيّروهم ، ولا تتّبعوا عوراتـهم - ] فإنه من تتبع عورة أخيه المسلم يتتبع الله عورته ، ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف بيته . رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي ، وهو حديث صحيح .
وفي هذا الحديث تهديد ووعيد، لمن تتبع ونقصد أن يعلم عورات الناس، فإياك أخي الحبيب أن تنشغل بهذا، اجعل الناس على العافية، واجعل الناس على ستر الله لهم، واترك تتبع عوراتهم، فإن فعلت فإن الله سيعاملك جزاءاً وفاقاً لما قمت به، فإن الله قد تكفل بأن يظهر عوراتك، وكم من إنسان ذكي، وطالب علم بدت عليه في البدايات علامات وأمارات البلوغ لكنه انقطع في الطريق لما بدأ ينشغل بعورات العلماء وطلبة العلم، ففضحه الله عز وجل على رؤوس الأشهاد، وأصبح إن ذكر لا يذكر إلا بسوء وشر.
مع أطيب تمنياتي بموفور الصحة والسعادة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم .... داووا مرضاكم بالصدقة ....
صدقت يارسول الله
__________________
"إذا وجدت الأيام تمر عليك ، و ليس لكتاب الله حظ من أيامك و ساعات ليلك و نهارك ، فابك على نفسك ، و اسأل الله العافية، و انطرح بين يدي الله منيبا مستغفرا ، فما ذلك إلا لذنب بينك و بين الله ، فوالله ما حرم عبد الطاعة إلا دل ذلك على بعده من الله عز وجل"